وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحا

وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحا
إن الجاه ثابت للصالحين فضلا عن الأنبياء، قال تعالى:ﭽ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِيﭼ "سورة الكهف اية 28"، فأراد الله إبقاء ذلك الكنز على ذينك اليتيمين رعاية لحق صلاح أبيهما وهذا يدل على أن صلاح الآباء يفيد العناية بأحوال الأبناء ، قال الإمام الرازي ╡ ((كان بين الغلامين وبين الأب الصالح سبعة آباء، وقد اكتسب الجد الصالح وجاهته عند ربه لصالح أعماله))"التفسير الكبير"، وقال الإمام القرطبي ╡ ((يُحفظ الصالح في نفسه وفي ولده وإن بعدوا عنه وقد روي أن الله تعالى يحفظ الصالح في سبعة من ذريته))«تفسير القرطبي»، وقد اختلف المفسرون في أن الكنز كان عِلما أو لوحا من ذهب كتب فيه حكمة، وعن سيدنا جابر بن عبد الله ╜ قال: قال سيدنا رسول الله ╕ ((إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ولا يزالون في حفظ الله عز وجل ما دام فيهم)) «رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والإمام العسقلاني في المطالب العالية»، وعن سيدنا ابن عمر╛ قال: قال رسول الله ╕ (( إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه بلاء ثم قرأ ابن عمر╜ ﭽ ﮯ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُﭼ «سورة البقرة»، «والحديث رواه الطبراني في الكبير»، وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل في الزهد وابن أبي حاتم عن التابعي الكوفى الثقة خيثمة (ت 90هـ) ╜ قال: ((قال عيسى بن مريم ╘ طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده وتلا خيثمة ╜ ﭽ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﭼ«مصنف ابن أبي شيبة»، وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب قال: ((إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس))«الدر المنثور»، وقال الإمام العادل سيدنا عمر بن عبد العزيز(61هـ ـ 101هـ) ╡ ((ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه، وقال الإمام ابن كثير ╡ فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة)) «تفسير ابن كثير»، قال البغوي «قال سيدنا ابن عباس ╜ ((حفظا بصلاح أبيهما)) وقيل كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة آباء» تفسير البغوي، وجاء في تفسير الجلالين، «فحفظا بصلاح أبيهما في أنفسهما ومالهما» «تفسير الجلالين»، وقد جاء عن رسول الله ╕ أحاديث كثيرة تفيد أن الله سبحانه وتعالى يدفع العذاب عن أهل الأرض بجاه المستغفرين وعمار المساجد، وأن الله سبحانه وتعالى يرزق بهم أهل الأرض وينصرهم ويصرف عنهم البلاء والغرق، وقد ورد نظير هذا الإكرام الإلهي لغير عمّار المساجد أيضا، ففي الحديث القدسي، عن أنس ╜ قال الله تعالى ((إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإن نظرت إلى عمار بيتي والمتحابين في والمستغفرين بالأسحار صرفته عنهم))«الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية»، إن الله تعالى يقول إني لأهم بأهل الأرض عذابا كقحط وجوع وفتن توجب قتلا ونحو ذلك فإذا نظرت إلى عمار بيوتي أي عمار المساجد التي هي بيوت الله بالذكر والتلاوة والصلاة وأنواع العبادة، والمتحابين فيّ أي لأجلي لا لغرض دنيوي والمستغفرين بالأسحار أي الطالبين من الله المغفرة فيها صرفت عذابي عنهم، وفي الحديث القدسي ((إني لأستحيي من عبدي وأمتي يشيبان في الإسلام فتشيب لحية عبدي ورأس أَمَتي في الإسلام أعذبهما في النار بعد ذلك))«الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية، رواه أبو يعلى عن سيدنا أنس╜»، وفي الحديث الشريف قال النبي ╕ ((لَوْلا عبادٌ لِلَّهِ رُكَّعٌ وَصِبْيَةٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا ثُمَّ رُضًّ رَضًّا)) «رواه الطبراني»، وقد قال سيدنا النبي محمد ╕ ((هَلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ)) «صحيح البخاري، باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب»، وروى الطبراني في الأوسط عن سيدنا أنس ╜ قال: ((قال رسول الله ╕ لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فبهم تُسقون وبهم تُنْصَرُونَ ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر)) قال سعيد بن المسيب سمعت قتادة يقول: ((لسنا نشك أن الحسن البصري منهم)) «قال الحافظ الهيثمي إسناده حسن». وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا.